عدد المساهمات : 51 تاريخ التسجيل : 21/08/2011 العمر : 27
موضوع: الاربعين النووية .. الثلاثاء أغسطس 30, 2011 8:47 pm
المقدمة الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد ، فهذه هي ( الأربعين النووية ) نبتدأ دروس هذه الإجازة في هذه الليلة ليلة السبت الخامس عشر من ربيع الأول سنة إحدى وعشرين وأربع مائة وألف ، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا علماً نافعاً وعملاً صالحاً ، ثم نرحب بإخواننا الذين قدموا لحضور هذه الدروس ونهنئهم بما مَنَّ الله به عليهم من الثواب الجزيل ، حيث قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( من سلك طريقاً يلتمس به علماً سهَّل الله له به طريقاً إلى الجنة ) ، وسلوك الطريق للعلم ينقسم إلى قسمين : 1 – سلوك طريق حسي ، كأن يأتي الإنسان من بيته إلى المسجد لحضور الدروس ، 2 – والثاني : معنوي : كأن يطالع في الكتب ويذاكر مع العلماء ، وكلا الأمرين يترتب عليه هذا الثواب ، أيها الأخوة إن طلب العلم الشرعي ليس لمجرد العلم بحكم الله عز وجل وحكم رسوله ، لأن هذا يحصل من المؤمن والكافر والبر والفاجر ، ولذلك ترى الكفار الذين درسوا الفقه الإسلامي ترى عندهم من علم الفقه ما ليس عند كثيرٍ من المسلمين ، المقصود من العلم العمل ، وكل علمٍ ينتج عملاً فهو وبالٌ على صاحبه ، لأن هذا الذي تعلم ولم يعمل من أول وأولى أهل النار بالعقوبة والعياذ بالله ، كما قال الناظم : وعالم بعلمه لم يَـعْـمَـلَـنْ . معذبٌ من قبل عباد الـوثـن . فالعلم سلاح إما لك وإما عليك ، متى يكون لك ؟ إذا عملت به ويكون عليك إذا لم تعمل به ، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( القرآن حجة لك أو عليك ) وليس فيه قسمٌ ثالث لا لك ولا عليك ، إما لك وإما عليك ، فإن عملت به كان لك ، وإن لم تعمل به كان عليك ، إن عملت به في حق الله عز وجل في العبادة التي بينك وبين الله تبارك وتعالى ، إن عملت به فيما بينك وبين الناس منت المعاملة والخلق وغير ذلك فأنت موفقٌ والعلم حجةٌ لك ، وإن كانت الأخرى فقد جانبك التوفيق وصار العلم وبالاً عليك ، أيها الأخوة إنه يجب على طالب العلم مراعاة ما يأتي : الأول : حسن النية بطلب العلم بأن يكون قصد الإنسان امتثال أمر الله عز وجل ورجاء ثوابه ، هل أمر الله بالعلم ؟ الجواب : نعم ، أمر الله بالعلم بأعظم الأشياء ، قال : { فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات } ، وقال عز وجل : { قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون } ، وقال تعالى : { يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات } ، وهذا حثٌّ على العلم ، فتنوي بطلب العلم امتثال أمر الله ، إخواننا إذا نويت بطلب العلم امتثال أمر الله ، ماذا سيكون طلب العلم ؟ يكون عباده تتقرب بها إلى الله ، تقلب صفحات الكتاب فأنت في عبادة ، كالذي يدس مسدسه ومدفعه للجهاد ، وإذا كان العلم بهذه النية فلا يعدله شيء ، ثانياً : تنوي بطلب العلم رفع الجهل عنك أولاً وعن الناس ثانياً ، كيف عن نفسك أولاً ؟ لأنك خلقت جاهلاًً ، كما قال عز وجل : { والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً } ، وأنت بنفسك الآن ترى أنك كلما جلست إلى عالم أو راجعت كتاباً ازددت علماً ، أليس كذلك ؟ فتنوي بطلب العلم رفع الجهل عنك وعن نفسك ، لأن رفع الجهل نور ، العلم نور يستضاء به ، ولذلك تجد أكثر الناس انشراحاً في الصدر هم أهل العلم ، ثالثاً : حفظ الشريعة ، يعني حفظ الشريعة ، لأن الشريعة محفوظة بالكتب المسطورة وكذلك بالقلوب ، فتنوي حفظ الشريعة من أن تضيع ، لأنها إذا لم يتجه إلى العلم ضاعت الشريعة ، تنوي حفظ الشريعة يعني أن تحفظ الشريعة من أن تضيع ، تحفظها بالصدر تحفظها بالورق ، لأنه إذا لم يتعلم الناس ضاعت الشريعة ، ثم اعلم أن حفظ الشريعة ، الشريعة كما يكون بتقييد المعلومات يكون كذلك بتطبيق المعلومات ، انتبه لهذه النقطة ، حفظ الشريعة بتطبيق المعلومات ، ولهذا لو سألتكم هل نسيتم التشهد الأول والأخير ؟ الجواب : لا ، لماذا ؟ لأنكم تقرؤونه في اليوم والليلة عدة مرات فهذا حفظ الشريعة ، الرابع : أن ينوي بذلك حماية الشريعة ، لا سيما في زمنٍ تكثر فيه الفتن ، حماية الشريعة غير حفظ الشريعة ، حمايتها هي الدفاع عنها ، ورد كيد الكائدين وإبطال شبه المبطلين ، وما أشبه ذلك ، لأن الشريعة لا تحمى إلا بأصحابها برجالها ، كما أن الديار لا تحمى إلا بشجعانها ، أرأيت لو أن رجلاً مبتدعاً قام في مكتبة فيها من كل كتابٍ زوجان ، فيها العلوم الكثيرة ، وقام يتكلم بالبدعة يقررها ويؤكدها ، وليس عنده إلا الكتب وطلاب علمٍ مبتدءون يغترون بقوله ، هل يمكن لهذه الكتب السلفية أن تدافع ؟ لا يمكن ، لكن لو كان هناك طالب علم أمكن أن يدافع ، إذن انوِ الدفاع عن الشريعة كما ينوي المجاهدون الدفاع عن بلاد الإسلام ، لأن شريعتك الإسلامية مستهدفة منذ بزغ نور فجرها ، وهي مستهدفة إلى اليوم واليوم أشد وأشد ، لماذا ؟ لأن الدول المتحضرة وهي المتخلفة في الواقع تخاف من الإسلام خوفاً شديداً ، ولهذا يذكر عن بعض زعمائهم أنه قال لما فتَّتَ الاتحاد السوفيتي قال : ( الآن استرحنا من الشيوعية ، لكن بقي علينا العدو الأكبر ) ، ألا وهو الإسلام ، ولذلك تجدون حمايتهم للنصارى ومساعدتهم ضد المسلمين وكذلك مساعدة اليهود هذا شيءٌ يعرفه متتبع الأخبار وهم يبثون سمومهم في الأمة الإسلامية من كل ناحية ، تارة بالشبه وتارة بالأخلاق وتارة بالمعاملات الربوية والميسرية وما أشبه ذلك ، الناس اليوم في ضرورةٍ لحماية الشريعة فهذه ستة أشياء كلها تدور حول الإخلاص في طلب العلم ، قال الإمام أحمد : العلم لا يعدله شيء لمن صحت نيته ، لا يعدله شيء أي شيء لمن صحت نيته ، قالوا كيف يا أبا عبد الله ؟ قال : ينوي رفع الجهل عن نفسه وعن غيره ، وهذا جزءٌ من إخلاص النية ، هذه واحدة : أن ينوي بطلب العلم إخلاص النية ، ويتضمن كل الأشياء الستة هذه ، ثانياًً : أن يعمل بعلمه ، على طالب العلم أن يعمل بعلمه لأن هذا ثمرة العلم ، وهو الآن قد أمسك بالحجة إما له وإما عليه ، فليعمل ، واعلم يا أخي ، ويا أيها الشباب أنك إذا عملت بالعلم زدت إيماناً وزدت أجراً وزدت قبولاً عند الناس ، قال الله عز وجل : { والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم } ، { زادهم هدىً } أي علماً ، { وآتاهم تقواهم } أي عملاً صالحاً ، كلما عملت بالعلم وفرحت بالمسألة تعرفها من كتاب الله وسنة رسوله ثم عملت بها ازددت علماً وإيماناً وقبولاً عند الناس وفكاكاً من الإثم ، اعمل بالعلم ، أرأيت الرجل يعرف أن الغيبة حرام من كبائر الذنوب ولكنه يغتاب الناس هل انتفع بعلمه ؟ لا ، إذن علمه ضرر عليه ، لا بد أن تعمل بالعلم ، أسأل الله لي ولكم أن يرزقنا علماً نافعاً ، وإلا خسرت وفقدت فائدة العلم ، إذا عملت بعلمك صرت موثوقاً عند الناس وقبل الناس منك وعرفوا أن دعوتك صحيحة وأنك تفعل ما تقول ، وهذا شيءٌ مشاهد ، لو أن رجلاً حذر الناس من إسبال الثوب وهو مسبل ثوبه جاء بالأدلة والنصوص البينة الواضحة وقَبِلَ الناسُ النصوص ، لكن هل قبولهم لها كقبولهم إياها من رجل ( ملتزم ) مستقيم ؟ أنا قلت ( ملتزم ) غلط ، لأن كلمة ( ملتزم ) عند الناس يعني مستقيم ، لا تقل : ( فلان ملتزم ) ، قل : فلان مستقيم ، لتوافق الكتاب والسنة ، قال الله تعالى : { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا } ولم يقل ( ثم التزموا ) ، وقال رجلٌ للنبي صلى الله عليه وسلم : قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك ، قال : ( قل : آمنت بالله ، ثم استقم ) ، أقول : هل يقبلون من هذا الرجل الذي حذر من إسبال الثوب وهو مسبل كقبولهم من رجل حذر من إسبال الثوب وهو لا يسبل ؟ الجواب : لا ، فإذا أردت أن تنجو بعلمك من إثمك وأردت الناس أن يقبلوا علمك فاعمل به ، حتى تكون أول من يطبق ذلك ، ولهذا يا جماعة التطبيق العملي أقوى تأثيراً من القول باللسان أقوى بكثير ، أضرب لكم مثلاً أو مثلين أو ثلاثة : 1 – في صلح الحديبية لما قرر النبي صلى الله عليه وسلم أن يتحلل ، لأن المشركين صدوا النبي صلى الله عليه وسلم عن إتمام العمرة فقرر أن يتحلل أمر الناس أن يحلقوا ، أمرهم أن يحلقوا ويتحللوا لكن صار في نفوسهم شيء ترددوا لعلهم يرجون أن يُنسخ الأمر لأن النبي صلى الله عليه وسلم أحياناً يأمر بالأمر ثم إذا روجع فيه أمر بغيره ، فغضب عليه الصلاة والسلام دخل على أم سلمة ووجدته متغيراً أم سلمة زوجته وكانت من أعقل النساء ، وسألته : ما الذي غيَّرك ؟ قال : أمرتهم أن يحلقوا ولم يفعلوا ، أو كلام من هذا المعنى ، قالت : أتريد أن يفعلوا ؟ قال : نعم ، قالت : اخرج إليهم وادعُ بالحلاق أن فليحلقك ، خرج ودعا بالحلاق فحلقه ، فصار الناس يكاد يقتل بعضهم بعضاً أيهم يحلق أولاً ، سبحان الله ، لماذا ؟ الفعل ، صار تأثير فعله أشد من تأثير قوله ، 2 – المثل الثاني : في حجة الوداع أمر من يَسُقْ الهدي ، أن يجعل حجه عمرة ، أو قرانه عمرة فراجعوه في ذلك ، حتى قالوا قولاً يُستحى من ذكره ، قالوا : الحل كله نحل حتى من النساء ؟ قال : ( حتى من النساء ) ، قالوا : نخرج من منى وذكر أحدنا يقطر منياً ؟ قال : ( نعم ) ، يعني من الجماع ، قال : ( نعم ) ، فلما رآهم لم تطب نفوسهم ، قال : ( لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولا أحللت لكم ) ، لكن منعه أن يفعل ما أمرهم به منعه من ذلك سوق الهدي ، 3 – ويذكر أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لما حاصر التتار دمشق وكان في رمضان قال للجنود : أفطروا فإنه أقوى لكم ، فتردد بعض الناس ، وسألوا بعض العلماء قالوا : نفطر ؟ قالوا : لا تفطروا ، لا أنتم مرضى ولا على سفر لا تفطروا ، فأخذ خبزة وجعل يمر بين صفوف المقاتلين ويأكلها ، كل ذلك من أجل أن يطمئنهم إلى جواز الإفطار ، وما قاله صحيح ، لأن فيه دليل : فإن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الفتح وكانت في رمضان أمرهم أن يفطروا ، منهم من أفطر ومنهم من لم يفطر ، فلما قربوا من مكة قال : ( إنكم ملاقو العدو غداً والفطر أقوى لكم فأفطروا ) فجعل السبب التقوي على القتال ، المهم يا إخواننا أنكم إذا عملتم بعلمكم صار ذلك أقوى لقبول قولكم وأشد طمأنينة لقبوله وإلا سينقص قبول الناس لكم بقدر ما نقصتم من العمل بعلمكم ، اجتهدوا لا تقولوا : حفظنا المتن الفلاني والمتن الفلاني ، هذا طيب لا شك ونَحُثُّ عليه ، لكن الكلام على الإخلاص والعمل حتى لا تضيعوا ، قراءتنا في هذا الإجازة إن شاء الله هي هذا الكتاب ( الأربعين النووية ) في المساء ، ونرجو الله تبارك وتعالى أن نكمله على خير ، في هذه الليلة نقرأ من كتاب ( الأربعين النووية ) . [center]
Admin Admin
عدد المساهمات : 58 تاريخ التسجيل : 18/08/2011
موضوع: رد: الاربعين النووية .. الأربعاء أغسطس 31, 2011 1:35 am